الرئسية صوتيات

الأحد، 13 ديسمبر 2015

‏تحذير الغوي من بدعة المولد النبوي‏

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد:

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا )
سورة المائدة
قال الامام مالك رحمه الله_ : (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)
كان رحمه الله كثيراً ما يتمثل :
وخير أمور الدين ما كان سنة *** وشر الأمور المحدثات البــدع
ذكره الشاطبي في كتابه "الاعتصام" (1/115).
 

المولد النبوي

  وبعد أول ظهوره: أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع، وهم عبيديون ولا صلة لهم بفاطمة رضي الله تعالى عنها، وهم زنادقة يتظاهرون بأنهم روافض وباطنهم الكفر المحض. أحدثوا ستة موالد: المولد النبوي، ومولد الإمام علي رضي الله عنه، ومولد السيدة فاطمة رضي الله عنها، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومولد الخليفة الحاضر، ثم أبطلها الأفضل ابن أمير الجيوش ثم أعيدت على يد الآمر بأحكام الله الفاطمي سنة أربع وعشرين وخمسمائة بعد ما كاد الناس أن ينسوها.
وأول من أحدث المولد بمدينة إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري في القرن السابع واستمر العمل به إلى يومنا هذا. ولم تكن هذه الموالد من عمل السلف الصالح أهل القرون الثلاثة المفضلة ولا من عمل الأئمة الأربعة وإنما أحدثها الزنادقة والجهال بعد القرون المفضلة، فهو بدعة في دين الله ولا تجد مشركاً إلا وهو منتقص للرب سبحانه وتعالى ولا مبتدعاً إلا وهو منتقص لرسول الله .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: ( وإن من جملة ما أحدث الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوي في شهر ربيع الأول، وهم في هذا الاحتفال على أنواع:
- فمنهم من يجعله مجرد اجتماع تُقرأ فيه قصة المولد، أو تُقدَّم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة.
- ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك ويقدمه لمن حضر.
- ومنهم من يقيمه في المساجد، ومنهم من يقيمه في البيوت.
- ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر، فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء، أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول ، وندائه، والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك.
وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة بعد القرون المفضلة بأزمان طويلة.
والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع، وألا يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه.
هذا وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيت العنكبوت، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي:
1 - دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي .
والجواب عن ذلك نقول: إنما تعظيمه بطاعته، وامتثال أمره، واجتناب نهيه، ومحبته لله، وليس تعظيمه بالبدع والخرافات والمعاصي، والاحتفال بذكرى المولد من هذا القبيل المذموم؛ لأنه معصية. وأشد الناس تعظيماً للنبي هم الصحابة رضي الله عنهم، كما قال عروة بن مسعود لقريش: ( يا قوم! والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والملوك، فما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً ، والله ما يمدون النظر إليه تعظيماً له ). ومع هذا التعظيم ما جعلوا يوم مولده عيداً واحتفالاً، ولو كان ذلك مشروعاً ما تركوه.
2 - الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان.
والجواب عن ذلك نقول: أن الحجة بما ثبت عن الرسول والثابت عن الرسول النهي عن البدع عموماً، وهذا منها.
وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة، وإن كثروا: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ [الأنعام:116]، مع أنه لا يزال بحمد الله في كل عصر من ينكر هذه البدعة ويبين بطلانها، فلا حجة بعمل من استمر على إحيائها بعد ما تبين له الحق. فممن أنكر الاحتفال بهذه المناسبة شيخ الإسلام ابن تيمية في [اقتضاء الصراط المستقيم]، والإمام الشاطبي في [الاعتصام]، وابن الحاج في [المدخل]، والشيخ تاج الدين علي ابن عمر اللخمي ألف في إنكاره كتاباً مستقلاً، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه [صيانة الإنسان]، والسيد محمد رشيد رضا ألف فيه رسالة مستقلة، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وغير هؤلاء ممن لايزالون يكتبون في إنكار هذه البدعة كل سنة في صفحات الجرائد والمجلات، في الوقت الذي تقام فيه هذه البدعة.
3 - يقولون: إن في إقامة المولد إحياء لذكر النبي .
والجواب عن ذلك أن نقول: إحياء ذكر النبي بما شرعه الله من ذكره في الأذان والإقامة والخطب والصلوات وفي التشهد والصلاة عليه وقراءة سنته واتباع ما جاء به، وهذا شيء مستمر يتكرر في اليوم والليلة دائماً، لا في السنة مرة.
4 - قد يقولون: الاحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه ملك عادل عالم، قصد به التقرب إلى الله!
والجواب عن ذلك أن نقول: البدعة لا تُقبل من أي أحد كان، وحسن القصد لا يسوغ العمل السيئ، وكونه عالماً عادلاً لا يقتضي عصمته.
5 - قولهم: إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة؛ لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم!
ويجاب عن ذلك بأن يقال: ليس في البدع شيء حسن؛ فقد قال : { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد }، ويقال أيضاً: لماذا تأخر القيام بهذا الشكر - على زعمكم - إلى آخر القرن السادس، فلم يقم به أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وهم أشد محبة للنبي وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر؛ فهل كان من أحدث بدعة المولد أهدى منهم وأعظم شكراً لله عز وجل؟ حاشا وكلا.
6 - قد يقولون: إن الاحتفال بذكرى مولده له ينبئ عن محبته؛ فهو مظهر من مظاهرها وإظهار محبته مشروع!
والجواب أن نقول: لاشك أن محبته واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه - ولكن ليس معنى ذلك أن نبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه؛ فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته، كما قيل:

لو كان حبك صادقاً لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع
فمحبته إحياء سنته والعض عليها بالنواجذ ومجانبة ما خالفها من الأقوال والأفعال، ولا شك أن كل ما خالف سنته فهو بدعة مذمومة ومعصية ظاهرة، ومن ذلك الاحتفال بذكرى مولده فإنه من البدع.
وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين؛ فإن الدين مبني على أصلين: الإخلاص، والمتابعة، قال تعالى: بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:112]، فإسلام الوجه هو الإخلاص لله، والإحسان هو المتابعة للرسول واتباع السنة ) انتهى كلامه حفظه الله [مجلة البيان].

بطلان عيد المولد من وجوه

1 - أن رسول الله ثبت عنه أنه لما جاء المدينة وعندهم أعياد أبطلها وقال: { عيدنا أهل الإسلام عيد الفطر وعيد الأضحى }.
2 - أن النصوص تنهى عن البدعة وتصفها بأنها ضلالة { وكل بدعة ضلالة }.
3 - ولذلك أبطل رسول الله أعياد أهل الجاهلية.
4 - أنها من ابتداع الروافض أعداء الإسلام، وهم أهل البدع وبناء القباب والمساجد على القبور.
5 - عدم فعل أحد من السلف الصالح لهذه البدعة مع أنهم أكمل إيماناً وأفهم للنصوص وأي شيء يُتدين به ولم يكن من علم السلف فليس بدين بل بدعة محدثة.

المهتمون بالمولد

1 - صنف همُّهم نشر البدعة والتفاني في ذلك وليس من أهل العلم والصلاح وإنما مشهور عنهم التقصير في السنة وفي حضور الجمع والجماعات والطاعات وإنما ينشطون عند البدع مع البيان لأكثرهم أنهم على بدعة ولكنهم مصرون عليها.
2 - الجهال من العامة الذين يعتقدون أنها عبادة مشروعة ويتبعون من يقودهم إلى الهاوية.
3 - أناس همهم الشهوات مما يجدون في المولد من أكل وشرب واختلاط بالنساء ونحو ذلك.
وبعد هذا أوصي نفسي وإخواني المسلمين بتجنب البدع، ومن وقع في شيء منها فعليه تركها والرجوع إلى السنة، وأوصي بقراءة بعض الكتب المتعلقة بذم البدع مثل كتاب [الاعتصام] للشاطبي المالكي رحمه الله، وكتاب [الإبداع في مضار الابتداع] لعلي محفوظ، ورسالة [التحذير من البدع] للشيخ عبد العزيز بن باز، ورسالة [البدع وأثرها السيء في الأمة] لسليم الهلالي وهي رسالة مفيدة جداً على اختصارها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وأسأل الله أن يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(أقوال العلماء في التدير من بدعة المولد النبوي)
 حمد بن محمد بن الحاج العبدري الفاسي المالكي (ت: 737هـ):
قال: "فصل في المولد: ومن جملة ما أحدثوه من البدع، مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وأظهر الشعائر: ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد، وقد احتوى على بدع ومحرمات جملة"؛ (المدخل: 2 / 2 -10).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى وإما محبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتعظيماً له من اتخاذ مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - عيداً مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع ولو كان خيراً محضاً أو راجحاً كان السلف أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتعظيماً له منا وهم على الخير أحرص وإنما كانت محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهراً وباطناً ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء على هذه البدع تجدهم فاترين في أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه اهـ كلامه رحمه الله تعالى
العلامة محمد بن علي الشوكاني (ت: 1250هـ):
قال: "لم أجد إلى الآن دليلاً يدل على ثبوته من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا استدلال؛ بل أجمع المسلمون أنَّه لم يوجد في عصر خير القرون، ولا الذين يلونهم ولا الذين يلونهم، وأجمعوا أن المخترع له السلطان -الكردي- المظفر أبو سعيد كوكبوري بن زين الدين علي سبكتكين صاحب أربل"؛ (رسالة في حكم المولد، ضمن مجموع "الفتح الرباني": 2 / 1087).
 العلامة إبراهيم بن موسى بن محمد الشاطبي المالكي (ت: 790هـ):
قوله: ".. فمعلوم أن إقامة المولد - على الوصف المعهود بين الناس - بدعة محدثة، وكل بدعة ضلالة؛ فالإنفاق على إقامة البدعة لا يجوز، والوصية به غير نافذة؛ بل يجب على القاضي فسخه... "؛ (فتاوى الشاطبي: ص203).


 قال الامام ناصر الدين الألباني رحمه الله

فنحن معشر أهل السنة لا نحتفل احتفال النَّاس هؤلاء بولادة الرسول صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم؛ ولكننا نحتفل احتفالاً من نوع آخر.
ومن البدهي أنني لا أريد الدَّندنة حول احتفالنا نحن معشر أهل السنة؛ وإنما ستكون كلمتي هذه حول احتفال الآخرين لأُبيِّن أنَّ هذا الاحتفال وإن كان يأخذ بقلوب جماهير المسلمين؛ لأنهم يستسلمون لعواطفهم التي لا تعرف قيدًا شرعيًّا مطلقًا؛ وإنما هي عواطف جانحة.
فنحن نعلم أنَّ النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم جاء بالدين كاملاً وافيًا تامًّا، والدِّين هو كل شئٍ يتديَّنُ به المسلم ويُتقرَّبُ بِهِ إلى الله -عزَّ وجلَّ-، ليس ثَمَّة دين إلا هذا. الدِّين هو كل ما يُتديَّنُ به ويُتقرَّب به المسلم إلى الله -عزَّ وجلَّ-،ولا يمكن أن يكون شئ ما من الدِّين في شئ ما إلاَّ إذا جاء به نبيُّنا صلوات الله وسلامه عليه.
أمَّا ما أحدثه النَّاس بعد وفاته صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، ولا سيما بعد القرون الثَّلاثة المشهود لها بالخيرية؛ فهي -لاشك، ولا ريب- من مُحدَثات الأمور، وقد علمتم جميعًا حكم هذه المحدَثات من افتتاحية دروسنا كلها؛ حيث نقول فيها كما سمعتم آنفًا: (وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّم، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ).
ونحن -وإياهم- مجمعون على أنَّ هذا الاحتفال أمرٌ حادث، لم يكن ليس فقط في عهده صلى الله عليه وسلم؛ بل ولا في عهد القرون الثلاثة كما ذكرنا آنفًا.
ومن البدهي أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حياته لم يكن ليحتفل بولادته؛ ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانيَّة مسيحيَّة لا يعرفه الإسلام مطلقًا في القرون المذكورة آنفًا؛ فمن باب أولى ألاَّ يعرف ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، ولأنَّ عيسى نفسه الذي يحتفل بميلاده المدَّعون اتباعه، عيسى نفسه لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة؛ وإنما الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النَّصارى في دينهم، وهي كما قال عزَّ وجلَّ: ﴿ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ .
هذه البدع التي اتخذها النَّصارى؛ ومنها الاحتفال بميلاد عيسى ما شرعها الله -عزَّ وجلَّ-؛ وإنما هم ابتدعوها من عند أنفسهم. موقع الشيخ  رحمه الله

سئل الشيخ ابن باز :

هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا في المسجد ليتذكروا السيرة النبوية الشريفة في ليلة 12 ربيع الأول بمناسبة المولد النبوي الشريف بدون أن يعطلوا نهاره كالعيد؟ واختلفنا فيه ، قيل : بدعة حسنة ، وقيل: بدعة غير حسنة ؟

فأجاب :

ليس للمسلمين أن يقيموا احتفالا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة 12 من ربيع الأول ولا في غيرها ، كما أنه ليس لهم أن يقيموا أي احتفال بمولد غيره عليه الصلاة والسلام؛ لأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ للدين والمشرع للشرائع عن ربه سبحانه وتعالى ولا أمر بذلك ولم يفعله خلفاؤه الراشدون ولا أصحابه جميعا ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، فعلم أنه بدعة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته ، وفي رواية مسلم - وعلقها البخاري جازما بها - : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .


والاحتفال بالموالد ليس عليه أمره صلى الله عليه وسلم بل هو مما أحدثه الناس في دينه في القرون المتأخرة فيكون مردودا ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته يوم الجمعة : " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " رواه مسلم في صحيحه ، وأخرجه النسائي بإسناد جيد وزاد : "وكل ضلالة في النار".

ويغني عن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم تدريس سيرته عليه الصلاة والسلام وتاريخ حياته في الجاهلية والإسلام في المدارس والمساجد وغير ذلك ، ويدخل في ذلك بيان ما يتعلق بمولده صلى الله عليه وسلم وتاريخ وفاته من غير حاجة إلى إحداث احتفال لم يشرعه الله ولا رسوله ولم يقم عليه دليل شرعي..

والله المستعان ونسأل الله تعالى لجميع المسلمين الهداية والتوفيق للاكتفاء بالسنة والحذر من البدعة . " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 289 ) .

 
قال المالكيّ في بدعيّةِ اتّخاذِ طعامٍ معلوم لمولِدِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم

جاء في موسوعة «المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس
والمغرب» (2/489)لأبي العبّاس أحمد بن يحيى الونشريسيّ التّلمسانيّ (ت: 914هـ) في فصلِ البِدَعِ، وما استُقبِحَ منها:
(ومنها اتّخاذُ طعامٍ معلوم لميلاد النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وفي بعضِ المواسِم.قال ابن الحاجّ: ولم يكن في عاشوراء لمن مضى طعامٌ معلومٌ لا بدّ من فعلِهِ.
وقد كان بعض العلماء يتركون النّفقةَ فيهِ قصدًا لينبِّهوا على أنّ النّفقةَ فيه ليست بواجبة، ولم يكن السّلف رضوان الله عليهم يتعرّضون في هذه المواسم
ولا يعرفون تعظيمَها إلاّ بكثرة العبادة والصّدقة والخير واغتنام فضيلتها لا بالمأكول)اهـ.
قال الإمام المحقِّق أبو إسحاق الشاطبي -رحمه الله- 790هـ)

*ومن علماء المالكية الشيخ الإمام المحقِّق أبو إسحاق الشاطبي -رحمه الله- قال في بعض فتاواه:
"...فمعلوم أن إقامة المولد على الوصف المعهود بين الناس بدعة محدثة، وكل بدعة ضلالة,؛ فالإنفاق على إقامة البدعة لا يجوز، والوصية به غير نافذة، بل يجب على القاضي فسخه". فتاوى الشاطبي ص203، 204.
وعده أنواع البدع في الاعتصام
 
  قال القبّاب الفاسيّ المالكيّ في مظاهِرَ مِن بِدَعِ المَوْلِد

جاء في موسوعة «المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب» لأبي العبّاس أحمد بن يحيى الونشريسيّ (12/48-49):
(وسُئل سيدي أحمد القباب عمّا يفعله المعلّمون من وَقْدِ الشّمع في مولد
النّبيّ صلى الله عليه وسلمواجتماع الأولاد للصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، ويقرأ بعض الأولاد
ممّن هو حسن الصّوت عشرًا من القرآن وينشد قصيدة في مدح النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، ويجتمع الرجال والنّساء بهذا السّبب فهل ما يأخذه المعلّم من الشّمع جائز أم لا؟....فأجاب بأن قال:
جميع ما وَصَفت من محدثات البدع الّتي يجبُ قطعها، ومن قام بها أو أعان عليها أو سعى في دوامها فهو ساعٍ في بدعة وضلالة، ويظنّ بجهله أنّه بذلك معظّمٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ بمولده، وهو مخالفٌ سنّته مرتكب لمنهيّات نهى عنها صلى الله عليه وسلم، متظاهر بذلك محدث في الدّين ما ليس منه، ولو كان معظِّمًا له حقّ التّعظيم لأطاعَ أوامره فلم يُحدث في دينه ما ليس منه، ولم يتعرّض لما حذّر الله تعالى منه حيث قال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[النور:63 ]. وأمّا ما يأخذه المعلم من ذلك فإن كان إنّما يُعطاه على القيام بهذه البدع والقيام بتلك الأمور فلا خفاء بقُبح المأخوذ على هذا الوجه، وإن كانوا يعطونه ذلك في هذا الوقت وإن لم يفعل شيئًا من هذه البدع، فقد قال ابن حبيب إنّه لا يقضى للمعلم بشيء في أعياد المسلمين وإن كان ذلك ممّا يستحبّ فعله.... وإذا كان ابن حبيب يقول ألا يُقضى له بالأعياد
والمواسم الشرعية، فكيف بما ليس بشرعيّ؟....)اهـ.وصاحب الجواب هو: أبو العبّاس أحمد بن قاسم الشّهير بالقبّاب المالكيّ من
أئمّة فاس، توفّي سنةَ: (778هـ).

قال العلامة تاج الدين عمر بن علي اللخمي الإسكندراني المشهور بـ(الفاكهاني 734 هـ)

قال العلامة تاج الدين عمر بن علي اللخمي الإسكندراني المشهور بـ(الفاكهاني ـ) في رسالته في المولد المسماة بـ(المورد في عمل المولد ص20-21):
"لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بِدعة
أحدثها البطالون، وشهوة نفسٍ اغتنى بها الأكالون، بدليل أنَّا إذا أدرنا عليه
الأحكام الخمسة قلنا:
إما أن يكون واجبًا، أو مندوبًا، أو مباحًا، أو مكروهًا، أو محرمًا. وهو ليس بواجب إجماعًا، ولا مندوبًا؛ لأن حقيقة الندب: ما طلبه الشرع من غير ذم على
تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع، ولا فعله الصحابة، ولا التابعون، ولا العلماء المتدينون -فيما علمت-، وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سُئلت. ولا جائز
أن يكون مباحًا؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحًا بإجماع المسلمين. فلم يبق إلا أن يكون مكروهًا، أو حرامًا".

ثم صوَّر الفاكهاني نوع المولد الذي تكلم فيه بما ذكرنا بأنه: "هو أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله، لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل
الطعام، ولا يقترفون شيئًا من الآثام، قال: "فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشناعة، إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة، الذين هم فقهاء الإسلام
وعلماء الأنام، سُرُجُ الأزمنة وزَيْن الأمكنة".

إنتقاء وتنسيق    
 ادارة مدونة الدليمي السلفية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق